كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال إسماعيل القاضي: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا سفيان بن عمر التميمي، عن سليمان الضَّبِّيّ، عن علي بن الحسين قال: قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: إذا مررتم بالمساجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فقد قدمنا الكلام عليها في التشهد الأخير، ومَنْ ذهب إلى ذلك من العلماء مع الشافعي، رحمه الله. وأما التشهد الأول فلا تجب فيه قولا واحدا، وهل تستحب؟ على قولين للشافعي.
ومن ذلك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة: فإن السنة أن يقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب، وفي الثانية أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الثالثة يدعو للميت، وفي الرابعة يقول: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده.
قال الشافعي، رحمه الله: حدثنا مُطَرَّف بن مازن، عن مَعْمَر، عن الزهري: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حُنَيف أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويخلص الدعاء للجنازة، وفي التكبيرات لا يقرأ في شيء منها، ثم يسلم سرا في نفسه.
ورواه النسائي، عن أبي أمامة نفسه أنه قال: من السنة، فذكره.
وهذا من الصحابي في حكم المرفوع على الصحيح.
ورواه إسماعيل القاضي، عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل، عن سعيد بن المسيب أنه قال: السنة في الصلاة على الجنازة... فذكره.
وهكذا رُوي عن أبي هريرة، وابن عمر، والشعبي.
ومن ذلك: في صلاة العيد: قال إسماعيل القاضي: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام الدَّسْتَوَائي، حدثنا حَمَّاد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة: أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة يوما قبل العيد، فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا، فكيف التكبير فيه؟ قال عبد الله: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو، وتكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تقرأ، ثم تكبر وتركع، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر، وتفعل مثل ذلك، ثم تركع. فقال حذيفة وأبو موسى: صدق أبو عبد الرحمن. إسناد صحيح.
ومن ذلك: أنه يُستَحَبّ ختم الدعاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم قال الترمذي:
حدثنا أبو داود، أخبرنا النضر بن شميل، عن أبي قُرّة الأسدي، عن سعيد بن المسيَّب، عن عمر بن الخطاب قال: الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد حتى تصلي على نبيك.
وهكذا رواه أيوب بن موسى، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، قوله. ورواه معاذ بن الحارث، عن أبي قرة، عن سعيد بن المسيب، عن عمر مرفوعا. وكذا رواه رَزِين بن معاوية في كتابه مرفوعا، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد حتى يصلى علي، فلا تجعلوني كَغُمَر الراكب، صلوا علي أول الدعاء وأوسطه وآخره».
وهذه الزيادة إنما تروى من رواية جابر بن عبد الله في مسند الإمام عبد بن حُميد الكَشي حيث قال: حدثنا جعفر بن عون، أخبرنا موسى بن عُبَيدة، عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه قال: قال جابر: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوني كقدح الراكب، إذا علق تعاليقه أخذ قدحه فملأه من الماء، فإن كان له حاجة في الوضوء توضأ، وإن كان له حاجة في الشرب شرب وإلا أهراق ما فيه، اجعلوني في أول الدعاء، وفي، وسط الدعاء، وفي آخر الدعاء». فهذا حديث غريب، وموسى بن عبيدة ضعيف الحديث.
ومن آكد ذلك: دعاء القنوت: لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وابن خزيمة، وابن حبَّان، والحاكم، من حديث أبي الحورَاء، عن الحسن بن علي، رضي الله عنهما، قال: علَّمَني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يَذِلّ من واليت تباركت ربنا وتعاليت».
وزاد النسائي في سننه بعد هذا: وصلى الله على النبي محمد.
ومن ذلك: أنه يستحب الإكثار من الصلاة عليه في يوم الجمعة وليلة الجمعة: قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن علي الجَعْفِي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس الثقفي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي». قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمتْ؟- يعني: وقد بليت- قال: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء».
ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، من حديث حسين بن علي الجعفي.
وقد صحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني، والنووي في الأذكار.
حديث آخر: قال أبو عبد الله بن ماجه: حدثنا عمرو بن سَوَّاد المصري، حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أيمن، عن عُبَادة بن نُسَيّ، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة؛ فإنه مشهود تشهده الملائكة. وإن أحدا لا يصلي علي إلا عُرضت عَلَيّ صلاته حتى يفرغ منها». قال: قلت: وبعد الموت؟ قال: «وبعد الموت، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» فنبي الله حي يرزق.
هذا حديث غريب من هذا الوجه، وفيه انقطاع بين عُبادة بن نَسي وأبي الدرداء، فإنه لم يدركه، والله أعلم.
وقد روى البيهقي من حديث أبي أمامة وأبي مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة ويوم الجمعة، ولكن في إسنادهما ضعف، والله أعلم. وروي مرسلا عن الحسن البصري، فقال إسماعيل القاضي: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا جرير بن حازم، سمعت الحسن- هو البصري- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تأكل الأرض جَسَدَ من كَلّمه روح القدس». مرسل حسن.
وقال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد، أخبرنا صفوان بن سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة، فأكثروا الصلاة علي». هذا مرسل.
وهكذا يجب على الخطيب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر في الخطبتين، ولا تصح الخطبتان إلا بذلك؛ لأنها عبادة، وذكر الله فيها شرط، فوجب ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيها كالأذان والصلاة. هذا مذهب الشافعي وأحمد، رحمهما الله.
ومن ذلك: أنه يستحب الصلاة والسلام عليه عند زيارة قبره، صلوات الله وسلامه عليه: قال أبو داود:
حدثنا ابن عوف- هو محمد- حدثنا المقري، حدثنا حَيْوَة، عن أبي صخر حميد بن زياد، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد يسلم علي إلا رَدّ الله علي روحي، حتى أرد عليه السلام» تفرد به أبو داود، وصححه النووي في الأذكار. ثم قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح قال: قرأت على عبد الله بن نافع، أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المَقْبُرِي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم قُبُورًا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم».
تفرد به أبو داود أيضا. وقد رواه الإمام أحمد عن سُرَيْج، عن عبد الله بن نافع- وهو الصائغ- به. وصححه النووي أيضا. وقد روي من وجه آخر عن علي، رضي الله عنه. قال القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتابه فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيْس، حدثنا جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عمن أخبره من أهل بيته، عن علي بن الحسين بن علي: أن رجلا كان يأتي كل غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه، ويصنع من ذلك ما اشتهر عليه علي بن الحسين، فقال له علي بن الحسين: ما يحملك على هذا؟ قال: أحب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال له علي بن الحسين: هل لك أن أحدثك حديثا عن أبي؟ قال: نعم. فقال له علي بن الحسين: أخبرني أبي، عن جدي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم فتبلغني صلاتكم وسلامكم».
في إسناده رجل مبهم لم يُسَمَّ وقد رُوي من وجه آخر مرسلا قال عبد الرزاق في مصنفه، عن الثوري، عن ابن عجلان، عن رجل- يقال له: سهيل- عن الحسن بن الحسن بن علي؛ أنه رأى قوما عند القبر فنهاهم، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني». فلعله رآهم يسيئون الأدب برفع أصواتهم فوق الحاجة، فنهاهم.
وقد روي أنه رأى رجلا ينتاب القبر فقال: يا هذا، ما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء، أي: الجميع يبلغه، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين.
وقال الطبراني في معجمه الكبير: حدثنا أحمد بن رِشْدين المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر، أخبرني حميد بن أبي زينب، عن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني».
ثم قال الطبراني: حدثنا العباس بن حمدان الأصبهاني، حدثنا شعيب بن عبد الحميد الطحان، أخبرنا يزيد بن هارون عن شيبان، عن الحكم بن عبد الله بن خطاف، عن أم أنيس بنت الحسن بن علي، عن أبيها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت قول الله، عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي}؟ فقال: «إن هذا هو المكتوم، ولولا أنكم سألتموني عنه لما أخبرتكم، إن الله وكل بي ملكين لا أُذْكَرُ عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك. وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين. ولا يصلي أحد إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك. ويقول الله وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين» غريب جدا، وإسناده فيه ضعف شديد.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، عن سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض، يبلغوني من أمتي السلام».
وهكذا رواه النسائي من حديث سفيان الثوري وسليمان بن مِهْرَان الأعمش، كلاهما عن عبد الله بن السائب، به.
فأما الحديث الآخر: «مَنْ صلى عَلَيّ عند قبري سمعته، ومَنْ صلى علي من بعيد بُلغته» ففي إسناده نظر، تفرد به محمد بن مروان السدي الصغير، وهو متروك، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا.
قال أصحابنا: ويستحب للمحرم إذا لبى وفرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم: لما روي عن الشافعي والدارقطني من رواية صالح بن محمد بن زائدة، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال: كان يُؤمر الرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال.
وقال إسماعيل القاضي: حدثنا عارم بن الفضل، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا زكريا، عن الشعبي، عن وهب بن الأجدع قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إذا قدمتم فطوفوا بالبيت سبعا، وصلوا عند المقام ركعتين، ثم ائتوا الصفا فقوموا عليه من حيث ترون البيت، فكبروا سبع تكبيرات، تكبيرًا بين حمد لله وثناء عليه، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسألة لنفسك، وعلى المروة مثل ذلك.
إسناد جيد حسن قوي.
وقالوا: ويستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع ذكر الله عند الذبح: واستأنسوا بقوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك} [الشرح: 4]، قال بعض المفسرين: يقول الله تعالى: لا أذكر إلا ذكرت معي. وخالفهم في ذلك الجمهور، وقالوا: هذا موطن يفرد فيه ذكر الرب تعالى، كما عند الأكل، والدخول، والوقاع وغير ذلك، مما لم ترد فيه السنة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث آخر: قال إسماعيل القاضي: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا عمر بن هارون، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن ثابت، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا على أنبياء الله ورسله؛ فإن الله بعثهم كما بعثني».
في إسناده ضعيفان، وهما عمر بن هارون وشيخه، والله أعلم. وقد رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن موسى بن عبيدة الربذي، به.
ومن ذلك: أنه يستحب الصلاة عليه عند طنين الأذن، إن صح الخبر في ذلك، على أن الإمام أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قد رواه في صحيحه فقال: حدثنا زياد بن يحيى، حدثنا مَعْمَر بن محمد بن عبيد الله، عن أبيه محمد، عن أبيه أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي، وَلْيَقُل: ذَكَر الله مَن ذكرني بخير». إسناده غريب، وفي ثبوته نظر. والله أعلم.
وهاهنا مسألة:
وقد استحب أهل الكتابة أن يكرر الكاتب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما كتبه، وقد ورد في الحديث من طريق كادح بن رحمة، عن نَهْشَل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى عليّ في كتاب، لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب».
وليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة، وقد رُوي من حديث أبي هريرة، ولا يصح أيضا، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي شيخُنا: أحسبه موضوعا. وقد رُوي نَحوُه عن أبي بكر، وابن عباس. ولا يصح من ذلك شيء، والله أعلم.
وقد ذكر الخطيب البغدادي في كتابه: الجامع لآداب الراوي والسامع، قال: رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله: كثيرا ما يكتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الصلاة عليه كتابة، قال: وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا.
فصل:
وأما الصلاة على غير الأنبياء، فإن كانت على سبيل التبعية كما تقدم في الحديث: «اللهم، صل على محمد وآله وأزواجه وذريته»، فهذا جائز بالإجماع، وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم:
فقال قائلون: يجوز ذلك، واحتجوا بقوله: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} وبقوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157]، وبقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]، وبحديث عبد الله بن أبي أوْفَى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: «اللهم صل عليهم». وأتاه أبي بصدقته فقال: «اللهم صل على آل أبي أوفى». أخرجاه في الصحيحين. وبحديث جابر: أن امرأته قالت: يا رسول الله، صل عَلَيَّ وعلى زوجي. فقال: «صلى الله عليكِ وعلى زوجك».